النشأة الأولى

   ولدت في 10 كانون الثاني 1918 في مدينة ديار بكر ، عندما كانت والدتي برفقة والدي ، وهما في طريقهما من ( ولاية وان ) إلى بغداد ، نظراً لنقل والدي من منصب مدير عام البريد والبرق في تلك الولاية  إلى مدير عام البريد والبرق لولايات بغداد والموصل والبصرة . وبعد ولادتي باسبوع واصلت اسرتي السفر الى الموصل ثم إلى بغداد حيث باشر والدي فيها بوظيفته الجديدة .
  وفي عام 1926 التحقت بالصف الأول الابتدائي في مدرسة التفيض مع شقيقي هاشم وناظم اللذين كانا في الصف السادس الابتدائي ، وكنت أشاركهما في أنشطة الكشافة التي كانت موضع اهتمام جميع المدارس ، لتجسيد قوة الناشئة وتنمية روح التعاون فيهم وتعزيز أحاسيسهم الوطنية . كذلك كان في المدرسة فرقة تمثيل ، يرأسها الطالب حقي الشبلي رائد هذا الفن فيما بعد ، تعرض كل سنة تمثيلية تاريخية ذات أهداف وطنية ، على مسرح سينما رويال ، وكنت أخرج بملابس الكشافة على المسرح قبل عرض التمثيلية ، وألقي قصيدة ( بلاد العرب أوطاني ) للشاعر عبد المحسن الكاظمي ، ويقابلني الجمهور بالتصفيق
الدكتور اكرم نشات بملابس الكشافة يتوسط شقيقيه هاشم على يمينه وناظم على يساره - 1926
الدكتور اكرم نشات بملابس الكشافة يتوسط شقيقيه هاشم على يمينه وناظم على يساره – 1926
   وكانت الدراسة في المدرسة تجري بانتظام ، بفضل حسن إدارة مدير المدرسة حسين العاني ، وبإشراف مجلس إدارة المدرسة برئاسة حسن رضا عضو محكمة التمييز ، وأذكر من المعلمين الشيخ إبراهيم والشيخ رؤوف ورشيد أفندي وأحمد ضياء أفندي ، كما أذكر من زملائي التلاميذ صادق الأزدي ( الصحفي ) وكمال عمر نظمي ( القاضي ) وعثمان حسين العاني ( السفير ) .

في سوريا : 

وفي منتصف عام 1928 عند انتقالنا إلى دمشق ، لتصميم والدي على الهجرة اليها كما سبـق ذكره، التحقت بالصف الثالث الابتدائي في الكلية العلمية الوطنية ، وهي مدرسة ابتدائية ومتوسطة خاصة ، أسسها الدكتور منيف العائدي ، ومديرها شقيقه عبد الكريم العائدي ، وأذكر من المعلمين الشيخ عبد الله آقبيق وعثمان الحوراني ، وأذكر من زملائي التلاميذ عدنان المالكي وشقيقه رياض المالكي وعدنان العائدي ( من الشخصيات السورية المعروفة فيما بعد ) . وكانت سيارة المدرسة تنقلني وشقيقي إبراهيم من دارنا في حي الصالحية إلى المدرسة المجاورة لسوق البزورية قرب الجامع الأموي .
الدكتور اكرم أمام سيارة المدرسة وعلى يساره شقيقه ابراهيم في دمشق – 1931
الدكتور اكرم أمام سيارة المدرسة في الوسط وعلى يساره شقيقه ابراهيم في دمشق – 1931
كذلك التحق شقيقي هاشم وناظم بالمدرسة الثانوية وبعد انهائهما الدراسة الثانوية التحق هاشم بكلية الطب والتحق ناظم بكلية الحقوق في الجامعة السورية ، وكان في كلية الحقوق أربعة طلاب عراقيين آخرين أذكر منهم (عبد الرحمن الخضير) كونوا مع شقيقي هاشم وناظم جماعة متآلفة متماسكة وكان يرعاهم والدي وغالباً ما يدعوهم لتناول الغداء في منزلنا . وكانت الجماعة تقضي أوقات فراغها في (المقهى العربي) المطلة على ساحة المرجة ، حيث كان يتصدر ركناً منها باستمرار الشاعر الكبير أحمد الصافي النجفي ، المقيم في دمشق آنذاك ، فيحيط به الطلاب العراقيين عند حضورهم الى المقهى ، مستمتعين ومنتفعين باحاديثه الادبية القيمة ، وكان شقيقي ناظم وهاشم يصطحباني معهما الى هذا المقهى ، فاستمع الى مايدور فيه من حديث يجول في رياض الادب والشعر ، ويتحول احياناً الى استعراض الأوضاع القائمة في العراق وشجبها . وحدث مرة أن اتفق الطلاب العراقيين مع عدد كبير من زملائهم الطلاب السوريين على عقد اجتماع كبير انضم اليه الكثيرين ، للتنديد باجراءات تعسفية اتخذتها السلطات العراقية ضـد بعض الشخصيات الوطنية ، وسمعت شقيقي ناظم يلقي في الاجتماع قصيـدة نظمها أذكر منها :
       في كـل يوم زفـة لوزارة وغناء قـاري
                                 يتطاحنون على المناصب كالفريسة والضواري
       من كل مجهول النجار مخلوع العذاري
                                اتخـذ السياسة متجراً والسوق ليس بـذي بـواري
الدكتور اكرم نشات خلال زيارته دمشق عام 1999 أمام الدار التي شيدها والده للاقامة سنة 1929
الدكتور اكرم نشات خلال زيارته دمشق عام 1999 أمام الدار التي شيدها والده للاقامة سنة 1929
وفي اشهر الصيف كنا نتقل الى “جديدة” وهي قرية عامرة تبعد عن دمشق نصف ساعة في القطار يجري فيها نهر بردى تحيط به أشجار التفاح والمشمش والتين والعنب والرمان ، حيث كنا نقيم في دار يملكها صديق والدي الدكتور عبد القادر الزهراء بجوار داره الذي يقيم به في الصيف أيضاً . ونسرح انا وأشقائي هاشم وناظم وابراهيم مع أحمد ومحمد ولدي الدكتور عبد القادر على ضفاف بردى في جوانب تلك البساتين العامرة .

العودة الى بغداد :

في منتصف عام 1933 بعد خمس سنوات قضيناها هانئين في “دمشق الزاهية” و “جديدة الزاهرة” دفع حنين والدي للعراق الى عودتنا اليها . فعدنا إلى بغداد ، وكنت قد آنهيت دراستي الابتدائية ، فالتحقت بالصف الأول متوسط في مدرسة التفيض ، وكان من زملائي في نفس الصف عبد الأمير العكيلي (الاستاذ في كلية الحقوق) وصفاء حسن رضا (المحامي) ونظام الدين السنوي . وبعد نجاحي الى الصف الثاني ، ارتأى والدي الانتقال الى كركوك ، فانتقلنا اليها حيث كان يملك فيها والدي داراً ذات حديقة واسعة في محلة   شاطرلو ، اقمنا فيها عاماً . وقد زار والدي عند قدومنا الى كركوك الفريق بكر صدقي قائد الفرقة الثانية ، فاتيح لي لقاؤه ، وقد كان له دوراً في تأريخ العراق الحديث فيما بعد خلال الفترة (29/10/1936 – 14/8/1937) . وأثناء اقامتنا في كركوك التحقت بالصف الثاني في المدرسة المتوسطة وكان مديرها مصطفى علي ثروت . ثم رجعنا الى بغداد والتحقت بالصف الثالث في المدرسة المتوسطة المركزية وكان مديرها عبد المجيد زيدان ومدرس اللغة العربية عبد الرسول الخالصي ومدرس العلوم فؤاد الانكرلي . وجرى في حينه مباراة في الخطابة بين تلاميذ المدارس المتوسطة ، شاركت فيها بتشجيع من مدرسي عبد الرسول الخالصي والقيت خطاباً عن “الفتوة” ، فكان ترتيبي الأول بين الفائزين ،     اعلنه الاستاذ بهجت الأثري رئيس هيئة المحكمين ، في قاعة المدرسة      الثانوية المركزية حيث جرت المباراة .
الدكتور اكرم نشات  تلميذ في المدرسة الثانوية المركزية  1937
الدكتور اكرم نشات تلميذ في المدرسة الثانوية المركزية 1937
وبعد إنهائي الدراسة المتوسطة التحقت بالصف الرابع في المدرسة الثانوية المركزية ، وكان مديرها عبد الهادي المختار ، وتتولى التدريس فيها نخبة ممتازة من المدرسين ، أذكر منهم علي الطنطاوي وأنور العطار ( من أدباء سوريا ) وفرحان شبيلات ( وزير أردني فيما بعد ووالد ليث شبيلات الشخصية الأردنية المعروفة ) . ومحمد علي مصطفى وعلي مظلوم وحسيب الكيلاني ومحمد على صدقي ومدرس اللغة الإنكليزية سبور ( بريطاني ) .  

 

 

 

من كتاب مذكراتي صفحة 17,16,15,14

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s